أخر الاخبار

قصة هود مختصرة للأطفال

قصة هود مختصرة للأطفال

 قصة هود مختصرة للأطفال

بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بالنبي نوح عليه السلام، نجا الذين آمنوا معه وبقيوا على قيد الحياة. كان جميع من كان على وجه الأرض في تلك الحقبة من المؤمنين، ولم يكن هناك أي كافر. فمرت السنين والأجيال، مات الأجداد وجاء الأحفاد، ونسى الناس وصية نوح، وعادوا إلى عبادة الأصنام. انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وعادوا إلى الانحراف القديم.

قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان. فصنعوا تماثيل للناجين ليذكروهم بها، واستمر هذا التقدير من جيل إلى جيل حتى تحول إلى عبادة، وتحولت التماثيل بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله. عادت الأرض إلى الظلمة مجدداً، وأرسل الله نبيه هود إلى قومه.

إرسال هود عليه السلام

كان "هود" من القبيلة التي تدعى "عاد" وكانوا يعيشون في موقع يسمى الأحقاف، وهي صحراء مليئة بالرمال وتطل على البحر. كانت مساكنهم خيامًا كبيرة مع أعمدة ضخمة وعالية، وكان قوم عاد الأعظم قوة وطولًا وشدة في زمانهم. كانوا يعتبرون أنفسهم عمالقة وأقوياء وكانوا يتفاخرون بقوتهم التي لم يكن لأحد مثيل لها. على الرغم من ضخامة أجسامهم، كانوا يعبدون الأصنام ويحاربون من أجلها ويسخرون من نبيهم. من المفترض، بقدر اعترافهم بأنهم أشد الناس قوة، أن يشعروا بأن الله الذي خلقهم هو الأقوى منهم.

قال هود لهم نفس العبارة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع. إنها كلمة واحدة هي الشجاعة بأكملها، وهي الحق الوحيد.

وسأله أفراد قبيلته: هل ترغب في أن تكون زعيمًا لنا بدعوتك؟ وما هو المقابل الذي ترغب فيه يا هود؟ تلك هي تكرار الاشتباهات في ألسنة الكافرين، والذي يحدث عندما يدعوهم نبيهم للإيمان بالله فقط. عقولهم الضيقة محدودة بالحياة الدنيوية، ويسعون فقط للمجد والسلطة والحكم.

ماذا طلب هود من قومه

يفهم هود أن أجره على الله، لا يريد منهم سوى أن يستقووا بالحقيقة ويعبدوا الله وحده. يحدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح وأعطاهم القوة والصلابة، وأسكنهم في الأرض التي تمنح الثمار والزرع، وأرسل عليهم المطر ليحيي الأرض. ولكن قوم هود أصبحوا مغرورين وعناديين بسبب قوتهم الزائدة.

  • قال القوم لهود: كيف تتهمون آلهتنا التي عبدناها ورثناها عن آبائنا؟
  • قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
  • قال بعض قوم هود: هل تخبرنا يا هود أنه بعد موتنا وتحولنا إلى تراب يتطاير في الهواء سنعود للحياة؟
  • قال هود: سوف تعودون في يوم القيامة وسيُسأل الله كل واحد منكم عن أعماله.

بعد العبارة الأخيرة، اندلعت الضحكات. إنها مسألة غريبة ، هكذا قال الكفار من قومه. الإنسان يموت ويتحلل جسده ويصبح ترابا، ثم يتطاير التراب بالهواء. كيف سيعود كل هذا إلى الحياة؟ ما معنى يوم القيامة ولماذا ينبغي للأموات النهوض من موتهم؟

استقبل هود جميع هذه الأسئلة بصبر ولطف. ثم بدأ يخطب قومه عن يوم القيامة.. حاول أن يوضح لهم أن الإيمان بالآخرة ضروري ومترابط مع عدالة الله، تماما كما هو مرتبط بحياة الناس. أخبرهم بما قاله جميع الأنبياء عن يوم الحساب. إن حكمة الخالق لا تكتمل بمجرد خلقه الكون، وانتهاء حياة المخلوقين في الأرض. إن هذه الحياة هي اختبار، وبعدها يتم الحساب. فتصرفات الناس في الدنيا ليست متساوية، فهناك من يظلم ويقتل ويعتدي. وغالبا ما نرى الظالمين يفلتون من العقاب، والمعتدين يتمتعون بالقوة والاحترام. أين يذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

العدالة تتطلب وجود يوم القيامة. الخير لا يفوز دائمًا في الحياة. في بعض الأحيان ينتصر الشر ويقمع أتباع الخير. هل يمكن أن تمر هذه الجريمة بدون عقاب؟

إنَّ وجود ظلم عظيم يؤكد حقيقة حصول يوم القيامة، إذ حرم الله الظلم على نفسه وجعله محرمًا بين عباده. ومن ضرورة العدل والحكمة وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء، حيث يُعاد فيه كل قضية أمام الخالق، ويُحاكمها بعدالة. وهذه الضرورة مرتبطة بعدالة الله الذاتية، التي سيديرها رب العالمين سبحانه في ذلك اليوم المشهود.

هناك حاجة أخرى مهمة ليوم القيامة، وهي سلوك الإنسان نفسه. الإيمان بيوم القيامة والقيام بالحساب وتلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، كل هذا يوجه أنظار البشر نحو عالم آخر بعد الدنيا. يسمح لهم بتفكير أبعد من مجرد ضروف حياتهم الحاضرة، ويبعدهم عن الطمع والأنانية. وبهذه الطريقة، يصعد الإنسان من مستوى الطين الذي خلق منه إلى المستوى الروحي الذي نفخ فيه روحه. إن الاختيار بين التمسك بالقيم الدنيوية أو الرفع من النفس والتمسك بقيم ربه والمضي قدما يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

قص هود عليهم هذه القصة ولكنهم لم يصدقوه، رفضوا واستغربوا من قدرة الله على إعادة الإنسان بعد موته وتحوله إلى تراب، على الرغم من أن الله خلق الإنسان من التراب في الأصل. بالنظر من منظور البشر، كان يعتقدون أن إعادة خلق الإنسان يجب أن تكون أسهل من خلقه الأول. ولكن بالنسبة لله، لا توجد أمور صعبة أو سهلة، فكل شيء يحدث بمجرد أمره.

موقف الملأ من دعوة هود

يروي المولى عز وجل قصة الملأ (وهم الرؤساء) ورفضهم دعوة النبي هود عليه السلام. تتكرر هذه القصة في قصص جميع الأنبياء حيث يقف رؤساء القوم والأغنياء والمترفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بأنهم ترفوا في الحياة الدنيا بمواقع الثراء والرفاهية، وهذا يولد الحرص على المصالح الشخصية.

ومن هذه المواقع ينبت الكبرياء. ينظر رؤساء القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: هل يمكن لهذا النبي البشري أن يكون مثلنا، يأكل ويشرب مثلنا؟ ولكن ربما يكون يأكل أقل منا ويشرب في أواني بسيطة بينما نحن نتناول في أواني من الذهب والفضة. كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هل يجب علينا أن نطيع بشرًا مثلنا؟ ولماذا اختار الله بشرًا من بيننا ليرسل إليه الوحي؟

  • قال زعماء قوم هود: ما هو إلا غريب أن يختار الله من بيننا إنساناً ويوحي إليه؟!
  • سأل نفسه: ما الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد بعثني إليكم لأنذركم. فلا تنسوا سفينة نوح وقصته، لقد هلك الذين كفروا بالله وسيهلك الكافرون بالله دائمًا، مهما كانوا قويين.
  • قال رؤساء قوم هود: من سيقضي علينا يا هود؟
  • قال هود: الله .
  • قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

وأوضح لهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لكي يقربوا من الله، هي في الواقع تبعدهم عنه. شرح لهم أن الله هو الوحيد القادر على إنقاذ الناس، وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.

استمر الصراع بين هود وقومه، ومع تزايد الأيام زادت قوم هود في الاستكبار والعناد والطغيان والتكذيب لنبيهم. بدأوا يتهمون هود عليه السلام بأنه سفيه مجنون. قالوا له يوماً: لقد فهمنا الآن سبب جنونك. إنك تشتم آلهتنا وغضبت عليك، وبسبب غضبها أصبحت مجنوناً.

أنظروا إلى سذاجتهم في التفكير، يعتقدون أن هذه الأحجار لها قوى سحرية تؤثر على الإنسان على الرغم من أنها لا تبصر ولا تسمع ولا تتكلم. لم يستاء هود من اندفاعهم، وليسَ بالمؤسف أن يعتقدوا بجنونهم، ولكن استاء من قولهم: " وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وما نحن لك بمؤمنين" .

بعد هذا الصراع، هود لم يجد سوى التحدي يقف أمامه. لم يكن لديه خيار سوى اللجوء إلى الله وحده. لم يتبقى أمامه سوى تحذير أخير يحمل تهديدًا للكافرين ويحثهم على التوبة.. وتكلم هود:

نحن لا نقول إلا أن بعض آلهتنا قد أصابهم الشر، فقال: إني أشهد الله وأشهدوا أني بريء مما تشركون به من دونه، فكيدوني جميعا ثم لا تنتظروا. إني توكلت على الله ربي وربكم، فإن ربي على صراط مستقيم. فإن تولوا فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم وسيستبدل ربي بقوم غيركم لن تضروه شيئا، إن ربي على كل شيء حفيظ. (هود)

يشعر الإنسان بالدهشة من هذه الشجاعة في الحق. يقف رجل واحد أمام قوم غلاظ شديدي الجهل، يعتقدون أن الأصنام الحجرية قادرة على إيذائه. يتحدى هذا الإنسان الجبارين وينكر عقيدتهم ويتحداهم للتآمر ضده بدون خوف أو تردد. إنه مستعد لمواجهتهم ويثق بالله القوي، العالم بكل ما في الأرض. لا شيء يمكن أن يهزم الله.

بفضل إيمانه بالله، وثقته بوعده، واطمئنانه إلى نصره، يخاطب هود الذين كفروا من قومه، وهو يفعل ذلك على الرغم من وحدته وضعفه، لأنه يثق بالأمان الحقيقي وينقل رسالة الله. في حديثه، يوضح هود لقومه أنه أدين همته وبلغ الرسالة، وإن كفروا سيحل الله محلهم بقوم آخر، وهذا يعني أنهم يجب عليهم الاستعداد للعذاب.

هلاك عاد:

وبهذا، أعلن هود براءته منهم ومن آلهتهم، ووثق بالله الذي خلقه، وأدرك أن العذاب ينتظر أولئك الذين كفروا من قومه. هذا قاعدة من قواعد الحياة، حيث يعاقب الله الكافرين بغض النظر عن قوتهم أو ثراءهم أو عنفهم أو علوهم.

انتظر هود وانتظر قومه ووعد الله. بدأ الجفاف ينتشر في الأرض ولم تعد السماء تمطر. اندفع قوم هود نحوه بسؤالهم عن سبب هذا الجفاف. فأجابهم هود: إن الله غاضب منكم، لكن إذا آمنتم سيغفر الله لكم ويرسل المطر لتزيدوا قوة. استهزأ قوم هود بتصريحه وزادوا في المعاندة والسخرية والكفر. ازداد الجفاف وذبلت الأشجار ومات الزرع. ثم جاء يوم وإذا بسحاب عظيم يغطي السماء، ففرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هذا سحاب يمطرنا).

تغيرت الأحوال فجأة. من الجفاف الحار إلى البرودة الشديدة. بدأت الرياح تهب بقوة، مسببة ارتعاش كل شيء من الأشجار والنباتات إلى النساء والرجال والخيام. استمرت العواصف ليالٍ عديدة وأيام متتالية، حيث زاد برودة الهواء كل ساعة. بدأ أهل قوم هود بالهروب، يبتعدون نحو الخيام حيث يختبئون من شدة الرياح التي اقتلعت الخيام ثم طوفتها على الأرض. وبينما يختبئون تحت الأغطية، تطايرت الرياح ممزقة الملابس والجلد وتسببت في الدمار. كانت الرياح تقطع الجلد وتدمر كل شيء في طريقها، تاركة خلفها الدمار والخراب.

استمرت الرياح تهب عليهم لمدة سبع ليال وثمانية أيام دون أن تشهد الدنيا مثيلاً لها. ثم توقفت الريح بقدرة الله. لم يتبقى من الذين كفروا من قوم هود إلا بقايا النخل الميتة، كانت مجرد قشور خارجية يكاد الإنسان يتنفسها لتطاير الجزيئات في الهواء.

نجا هود ومن آمن معه، في حين أهلك الجبابرة. هذه نهاية منصفة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-