إرضاء الناس غاية لا تدرك مقولة قالها الإمام الشافعي رحمه الله، واليوم سنذكرها من نوادر جحا، جحا صاحب أشهر نوادر وقصص روية من أجيال إلي أجيال لتتوقف عندنا.
![]() |
إرضاء الناس غاية لا تدرك: من نوادر جحا |
ومع ذلك، فإن مقولة الإمام الشافعي تجسد حكمة عميقة وتذكرنا بأهمية إرضاء الناس في حياتنا. إذ يعتبر إرضاء الآخرين أمرًا ضروريًا للتعايش السلمي وبناء العلاقات الإيجابية في المجتمع. ولكن في عالمنا الحديث، يبدو أن هذا المفهوم قد تحول إلى شيءٍ آخر تمامًا.
إذاً، دعونا نُلقي نظرة سريعة على جحا، الشخصية الأسطورية التي تُعرف بنوادرها الطريفة والمسلية.
إرضاء الناس غاية لا تدرك
يُروى أنَّ جحا كان رجلًا بسيطًا وذكيًا في نفس الوقت، وكان يستخدم الفكاهة والمثال المبتكر لإيصال رسائله وتعابيره الحكيمة. ومن بين تلك النوادر، كان هناك قصة تحكي عن جحا وكيف حاول إرضاء الناس في إحدى المواقف.
كان جحا يوما يمضي في الطريق راكبا علي حماره وخلفه إبنه فمر علي قوم جالسين فيما بينهم فقالوا: ما بال جحا إنه لرجل قاص القلب يركب علي الحمار ويترك إبنه الصغير يمشي علي قدميه ياله من رجل قاصي.
فنزل جحا من علي الحمار وجعل إبنه يركب بدلا منه ثم مضا في طريقه حتي مر علي قومٍ أخرين، فقالوا: ما بال هذا الولد الصغير يعُق أباه في صغيره فكيف سيفعل في كبره يالا العقوق ويالا الطفل القاسي.
فركب جحا وإبنه علي الحمار ثم سار الحمار بهما حتي إذا مروا علي قوم أخرين قالوا: يالا قساوة جحا وإبنه يركبا معا علي الحمار، أين الإنسانية إرحموا من في الإرض يرحمكم من في السماء.
نزل جحا وإبنه من فوق الحمار ثم رفعاه علي ظهورهما وسارا به، حتي إذا مروا علي قوم أخرين قالوا: يالا غباء جحا وإبنه، خلق الله الحمار وسخره لحمل الأشياء وليس لنحمله نحن علي ظهورنا.
انزل جحا الحمار من علي ظهره وقال لإبنه: ارائيت يا بني (من عاش لإرضاء الناس فأن إرضاء الناس غاية لا تدرك).
في هذه القصة الطريفة، تكشف لنا قصة جحا عن أهمية العيش وفق مبادئنا الخاصة وعدم التساوي لإرضاء الناس. فقد حاول جحا بكل جهده أن يرضي الجميع، ولكنه واجه اتهامات وانتقادات من جميع الأطراف.
من خلال استعراض هذه المواقف المختلفة، ندرك أن إرضاء الناس ليس مهمة سهلة أو قابلة للتحقيق في كل الحالات. فالناس لديهم آراء واحتياجات متنوعة، وما يعجب أحدهم قد لا يعجب الآخرين. وعندما نحاول جاهدين أن نُرضي الجميع، قد نجد أنفسنا في مأزق لا نهاية له.
إن ما ينبغي علينا فعله هو أن نعيش وفق قناعاتنا الشخصية، وأن نتبع ما يعتبر صحيحًا ومنطقيًا ومتوافقًا مع قيمنا. إذا كنا صادقين تجاه أنفسنا ونعمل بأمانة وضمير، فسوف نصبح قادرين على الوفاء بالتزاماتنا وتحقيق أهدافنا الشخصية.
لا يعني هذا أننا يجب أن نتغاضى عن آراء الآخرين أو نتجاهل احتياجاتهم. بل يمكننا أن نكون حساسين تجاه مشاعر الآخرين ونتعاون معهم لإيجاد التوازن المناسب. يمكننا أن نتبنى منهجًا يتضمن الاستماع إلى وجهات نظرهم وتقدير احتياجاتهم في حدود المعقول.
في النهاية، يمكننا أن نتعلم من جحا أن إرضاء الناس غاية صعبة المنال، وأن الأهم هو أن نكون أمناء لأنفسنا ونتبع ما نعتقد أنه صوابٌ ومناسبٌ. وفي حين يمكننا أن نسعى لإرضاء الآخرين قدر المستطاع، يجب أن نتذكر أن غاية حقيقية تكمن في أن نعيش وفق مبادئنا ونكون صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين.