قصتنا اليوم عن مَلكيِن (طالوت وجالوت)، ذكرت معركتهم في القرآن الكريم في سورة البقرة المباركة، كما انها ذكرت في التوراة والتقارير الانجيلية على حد سواء.
نبوة احد انبياء الله بدأت تظهر ملامحها ومعجزاتها في هذه القصة، تابع القراءة عزيزي الزائر للتعرف على قصة طالوت وجالوت.
تابوت العهد القديم
نبدأ قصتنا مع بني اسرائيل الذين بقوا لسنوات وقرون طويلة دون نبي بينهم، حيث انهم بسبب طغيانهم وقتلهم للانبياء إنقطع نسل الانبياء بينهم.
هذا الأمر بدل حال بني اسرائيل رأسا على عقب فتعرضوا لجور الملوك وظلمهم وتجبرهم والذي زاد الامور سوءا هو ضياع تابوت الميثاق، أو تابوت العهد، أو تابوت السكينة.
هذا التابوت كان يمنح بني اسرائيل الثقة والاطمئنان، وكانوا اذا ما خاضوا حربا ضد احد هزموه بأمر الله ثم بفضل تابوت السكينة.
فقد جعل الله في التابوت من السكينة وبقية ما ترك ال موسى وال هارون، ما جعله عظيم الشأن غزير البركة.
استمر حال بني اسرائيل على هذا المنوال مشتتين ضائعين دون نبي يحكمهم ويعدل بينهم قرابة اربعمائة وستين سنة.
بعثة النبي شمويل عليه السلام
تتبدل حالهم مع ارسال الله للنبي شمويل بن بالي إليهم، بعث النبي شامويل او صموئيل، كما ذكر في التوراة والتقارير الانجيلية الى بني اسرائيل قبل ان نغوض غمار معركة طالوت وجلد.
بعد العذاب الذي لقيه بنو اسرائيل من الملوك الظالمين وبالاخص من العماليق او العمالقة، القوم الجبارين
تضرعوا الى الله وترجوه وندموا اشد الندم على ما بدر منهم تجاه الانبياء والرسل، وطلبوا من الرب ان يرسل لهم نبيا يقاتلون معه.
فلم يكن فيهم من نسل الانبياء إلا جنين في بطن امه، خوفهم من ان تبدل المرأة مولودها بغلام اخر في حال كان المولود فتاة دفعهم الى جعل هذه المرأة حبيسة بيتها لحين ولادتها.
اخذت المرأة في التضرع لله ليكون المولود غلاما، فاستجاب لها الرب ومنحها غلاما اسمته سمعه. ارسلت الام ابنها الى بيت المقدس ليتعلم التوراة على يد شيوخ بني اسرائيل.
لبث الغلام في بيت المقدس تحت رعاية شيخ كبير حتى بلغ رشده ليأتيه الوحي من جبرائيل عليه السلام ويوقظه من نومه ليبشره ببعثه نبيا الى بني اسرائيل وتسميته شامبوي.
ذهب شمويل الى بني اسرائيل واخبرهم بنبوته ليكذبوه كعادتهم وطالبوه بمعجزة إلهية فسألهم ان كانوا يقبلون القتال في حال ولى عليهم ملكا عادلا.
فاجابوه بالقبول لتحقيق هذا الغرض ارسل الله إلى شامويل عصا، وأن الملك الذي سيحكم بني إسرائيل يجب ان يكون بطول العصا.
بالطبع تهافت رجال بنو اسرائيل ليتقايسوا مع العصا فلم تأتي على قياس احد منهم، خلال هذا الوقت مر رجل سقاء يجلب الماء على حماره.
ضاع حمار هذا الرجل فاخذ يبحث عنه حتى اوصله بحثه الى القوم. فطلب منه شمويل ان يتقايس مع العصا ليتطابق طوله مع طولها فاختاره الملك شمويل ليكون ملكا عليهم.
ليجدوا لهم ملكا، السقاء كان طالوت او شاؤول كما ذكر بلغة التوراة.
رد بنوا إسرائيل علي تولي طالوت الملك
هذا الامر لم يعجب بني إسرائيل فهو انسان بسيط وليس فيه من نسب الملوك شيئا لكن الله عززه باية تثبت ملكه، فهل تعلمون ما هي؟ اسمعوا التالي.
كانت اية ملك الملك طالوت تابوت السكينة الضائع منذ زمن طويل، فتقول احدى الروايات ان الملائكة حملت التابوت الى طالوت.
وعندما ذهب بنوا إسرائيل مع طالوت الى بيته بايعاز من النبي شمويل ليتفاجئوا بالتابوت هناك. اثبتت هذه الاية نبوة شامويل وملك طالوت.
ليؤمن بنوا اسرائيل لهما ويتبعوهما، الأمر الاساسي لطالوت كان تخليص بني إسرائيل من ظلم العمالقة وملكهم جالوت.
إختبار الله لجند طالوت
فخرج في جيش قوامه ثمانين الف رجل معظمهم من الكارهين للقتال، استشعر الملك طالوت ذلك وخاف مكرهم وهم اهل المكر والخيانة.
فقرر امتحانهم ليرى مدى صدقهم واخلاصهم، خلال مرورهم بأرض قفرة اصيبوا بالحر والعطش الشديد ،ليظهر امامهم نهر ذو ماء عذب وبارد.
وهو بحسب المفسرين نهر الشريعة بين الاردن وفلسطين، عندما وصلوا امام النار اخبرهم طالوت ان الله مبتليهم بهذا النهر "فمن يشرب منه ليس من جند طالوت، خائن للعهد".
ومن يمتنع عن الشرب او يغترف غرفة صغيرة فهو من جند طالوت، تهافت الجند على الماء يشربون ولا يرتوون، اما علماؤهم ومن امن منهم فكانوا اذا غرفوا الغرفة الصغيرة ارتووا منها.
كانت نتيجة هذا الابتلاء ثبات اربعة الاف مقاتل فقط مع طالوت، وترك ستة وسبعين الف مقاتل للجيش.
بعد عبور طالوت النهر مع من تبقى من جيشه، والتي تقول بعض الروايات انه بسبب الأحداث والاختبارات المتتالية بقي معه فقط ثلاثمائة مقاتل.
بدأت طلائع جيش جالوت تظهر لهم فهذا المنظر جند طالوت وارهبهم الامر، فاخذوا يتداولون بين بعضهم عدم قدرتهم على قتال جالوت وجنده.
حيث يقول الله تعالى في سورة البقرة.
بسم الله الرحمن الرحيم قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنده.
ليرد عليهم من كان ايمانهم راسخا من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله. والله مع الصابرين.
قصة طالوت وجالوت ونبى الله داود
علم طالوت ان قوة جيش جالوت تكمن في ملكهم. فطلب من مقاتلي جيشه ان يقتلوا جالوت. فتقدم اليه داود او بالاصح نبي الله داود عليه السلام، الذي كان مع ابوه واخوته الاثنى عشر في عداد جيش طالوت.
يجدر الذكر هنا ان التوراة تغير بهذه الرواية قليلا. فبحسب التوراة الشاب الذي تقدم لقتال جالوت يدعى داود بن يسا.
وكان راعيا للاغنام ارسله ابوه لينظر في اثر اخوته الثلاثة الذين انضموا لجيش طالوت، فسمع جالوت بطلب المبارزة فسأل عن مكافأة قتله اي قتل جالوت اجيب بان الملك سيعطي المال الكثير ويزوج ابنته لقتل جالوت.
الرواية الأسلامية حول داود عليه السلام
نعود الى الرواية الاسلامية الواردة في مختلف كتب التفاسير، إذا طلب داوود من طالوت ان يبرز لقتل جالوت، فمنح داوود الاذن لذلك ليبرز حاملا قذافته او مقلاعه "مقلاع داود".
اصطف الجيشان للقتال اخرج داوود مقلاعه ووضع الحجر فيه ليرمي جالوت بالحجر، الرواية التوراتية تذكر هذه الحادثة.
وأن داوود تقدم حاملا عصاه ومقلاعه وفي جيبه خمسة احجار من الماس فرمى جالوت بالحجر وارداه قتيلا، ثم انه تقدم من جالوت فاخذ سيفه واحتز رأسه.
وبالنسبة الى روايتنا الاسلامية: بالفعل رمى داوود جالوت بالحجر فاصابه بالحجر بين عينيه وقتله على الفور، فكان حجر دو لا يصيب جنديا من جيش جالوت الا ويصرعه في ارضه.
وهذا كان من علامات النبوة التي كانت بدأت تظهر لنبي الله داود عليه السلام واحدى كراماته.
قُتل جالوت وتقهقر جنده وصدق وعد الله وانتصر طالوت ليوفي لداوود بدينه ويزوجه ابنته ويسلمه مفاتيح الحكم بعده.
ملخص قصة طالوت وجالوت
كانت هذه اصدقائي تلخيصا لقصة (طالوت وجالوت)، التي على الاغلب مرت على اكثركم، وهي قصة فيها من العبر الكثير.
فهي تذكرنا برحمة الله على عباده في التاريخ رغم ظلمهم وطغيانهم.
في اي معركة او حرب لطالما ربط النصر والحسم بعديد الجيوش المقاتلة وتجهيزاتهم هذا ما توقعناه دائما. متجاهلين او غافلين ان التاريخ الذي حدثنا بعكس ذلك.
واثبت لنا في اكثر من موقع ان الايمان القوي بالعدل والقضية التي نحارب لاجلها هو مفتاح نصر الله تعالى في اغلب المعارك، هكذا كان ولا يزال.
كما انه تبين لنا ان الحكمة والمعرفة لا تقتصر على ذوي الشأن دون غيرهم.
والاهم من هذا كله انها بينت لنا ان القوة ليست في العدد بل في الايمان الصادق بالقضية التي نقاتل لاجلها.
فهل من يعتبر وتبقى قصص التاريخ متعة للقارئين والسامعين وننتظر ارائكم في التعليقات بالأسفل ومتابعتكم لنا للتوصل بكل جديد.
"والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"