وعندما ذهب إليه بعض من أهل العلم فى ذلك الزمان، وطلبوا من قارون الإحسان كمل أحسن الله إليه، رد عليهم إنما أوتيتهوا من علمٍ عندى.
فما هوا ذلك العلم وأين إنشقت الأرض بقارون؟ ولماذا دعا عليه نبى الله موسى (عليه السلام).
![]() |
كيف كانت كنوز قارون |
قصة قارون مع موسي عليه السلام
فخرج قارون على قومه فى زينته، كيف كانت كنوز قارون
يقول بعض أهل العلم: أن قارون قد عرف التركيبة الكميائية التى تحول النحاس إلى ذهب. كان لقارون عدد كبير من الخيول، والحرس، والعربات المطهمة بالذهب والفضة.
بل أن مفاتح كنوزه كان لا يقدر على حملها إلا مجموعة من الرجال الأشداء فما بال الكنوز؟ ورد فى بعض الرويات أنهم أربعين رجلا.
وكانت سروج خيله المطهمة مصنوعة من الجلد والذهب والنحاس والبرونز، كان قارون إذا مشى بموكبه تحت أشعة الشمس تلائل وانار الموكب تحت أشعة الشمس.
كنوز قارون أين إختفت وكيف اهلكه الله تعالى بظلمه
خطف الوهج أبصار أهل الدنيا، فكان طبيعيا أن يملك قارون كبرياء لا ينفع معه نصح ولا إرشاد. لقد صارت ضحكت قارون أشهر ضحكةٍ فى بنى إسرائيل.
كيف لا و له موكب من اكبر المواكب فى مصر بعد موكب الفرعون وهمان، كان الإثنان يملكان مصر كلها وكان قارون يملك جزاء صغيرا منها.
جاء العقلاء من بنى إسرائيى لنصحه، فقالوا له: نحن لا ننصحك بترك الدنيا والإنخراط فى سلك الزاهديين، لكن ندعوك ألا تنسى نصيبك من الدنيا.
و أحسن كما أحسن الله إليك ولا تفسد فى الأرض، وإبتغى فضل الله عليك فى الأخرة ولا تنسى نصيبك منها. لكنه تكبر وقال إنما أوتيته عن علم عندى؟.
ولكن يبدوا أن قارون إكتفى بنصيبه من الدنيا واوهمه عقله أنه جمع ماله من علمه، وغره ثرائه أن الله يحبه.
وذهبت به الظنون أنه أفضل عند الله من موسى (عليه السلام). فموسى فقير، لا يملك إسورة واحده من الذهب، وقارون فاحش الثراء. فكيف لله أن يحب الفقير ويكره الغني الذى يصنع سروج خيله من الذهب.
هكذا إتفق فرعون مع قارون فى نظرته إلى موسى (عليه السلام)، وكان فرعون يحكم على الناس بواقع ثرائهم كدائب الجاهلين.
"أم أنا خير من ذلك المهين ولا يكاد يبين"، هكذا كان راءى فرعون فى موسى.
سبب كره قارون لموسى عليه السلام
إتفق راءى فرعون، مع قارون الذى كان بحكم مركزه صديقً للفرعون.
ولم يكن فرعون، وهمان، وقارون، وحدهم أسيرى ذلك الوهم، بل كان المصريين ينظرون إلى موسى (عليه السلام). أنه ساحرٌ، هذم سحرهم.
ولا يعنى ذلك أن مصر أجدبت وخلة من الفضل، بل كان هناك من يؤمن بموسى (عليه السلام)، فى الخفاء خشية بطش الفرعون، وجنوده.
بل أيضا كان من بنى إسرائيل من يقارن بين موسى وقارون ويتسأل ببلادة، إذا كان الله يحب موسى فلمَاذا موسى فقير.؟
كان قارون فتنةً لقومه وللمصريين على السواء، فكان إذا خرج فى زينته ''قال الذيين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثلما أوتى قارون، إنهُ لذوا حظا عظيم''.
فكان العقلاء رغم قلتهم: يرون أن ما مع قارون لا يساوى شيئا مما هوا فى ميزان الله.
وأن الله لا يرى الفضل فى الذهب والؤلؤوالدرر والماشية والقصور، إذا كانت النفوس أظلمت من الداخل، فكان موقف موسى صعبا فى تلك اللحظات.
كان موسى (عليه السلام)، كنبىٍ رجل كريم، يتسم بالعطاء العظيم، فأتفق قارون مع فرعون على مكيدةٍ لإسقاط موسى فى أعين أتباعه فى صفائه و بأركان مجلسه مع قومه.
إفتراء قارون على نبى الله موسى (عليه السلام).
وأثناء جلوس موسى فى مجلس بين قومه، فوجئا بدخول إمراءة بغية عليه تقذفه بتهمة مؤداها؛ أنه كان بفراشها بالأمس.
فوجء موسى (عليه السلام)، الذى لم يعرف كيف يدفع عن نفسه إدعاء تلك المراءة البغية ومن معه من المؤمنين، وأغلب الظن أنه قام وصلى لله.
ثم ذهب إلى تلك المراءة، وسألها: لماذا تتهموه بما لم يحدث، فأنهارت المراءة باكيتا، مستغفرتاً الله ثم أخبرته أن قارون قد أعطاها نقوداً لإلصاق هذا الإثم على موسى عليه السلام.
فدعا عليه الله الذى شاء أن تقع معجزةً بينةً للناس لتبين لهم أن المال فتنة وليس فضل تقاس به أقدار الناس.
إنتقام الله تعالى لنبيه موسى (عليه السلام).
خسف الله به وبداره وبكنوزه الأرض: خرج قارون على قومه فى زينته فأنشقت الأرض تحت قدميه.
![]() |
أين ذهبت كنوز قارون |
أكان ذلك زلزال ينتظرهُ، منذ أن خلق الله تعالى الأرض لحظة ميلاده ليقع، أم خلقه الله تعالى ليقع فى تلك اللحظه لا نعلم.؟
كل ما نعرفه هوا أن الأرض إنشقت بأمر من الله تعالى فأبتلعة، أرضه وقصوره وماشيته ورجاله.
تقول الأساطير؛ أن ذلك الأمر وقع فى محافظة الفيوم مما يعرف عند المصريون ببحيرة قارون.
على أى حال لم يذكر القرءان الكريم، مكان وزمان ذلك الخسف، بل إكتفى بذكر الخسف وسببه. ولا يساوى المكان ولا الزمان شيئا من العبرة المستخلصة من ذلك الحدث.
قال الله تعالى: { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ '' وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ '' قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ '' فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ '' وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ '' فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ '' وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ '' تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [القصص: 76-83]
كيف حصد قارون ثروته وكنوزه
أما عن العلم الذى أتاه الله لقارون قال بعض العلماء: أنه كان يعرف التركيبة الكميائية، التى تحول النحاس إلى ذهب.
فيما ذهب بعضهم أنه كان يعرف إسم الله الاعظم، فأنكر عليه أهل الإيمان فى ذلك الوقت أنه يعرف إسم الله الأعظم وهوا منافق.
لكننا نحسب أن تلك أساطير ونظن أنه كان رجلا ظالما ورث ضيعا واسعة. فلا بأس من عمل مشروع ما هنا أو هناك ولابأس من صداقت الفرعون الذى تتيح له التسهيلات.
ولابأس من الوقوف ضد موسى (عليه السلام)، إذا كان ذلك يتفق مع المصلحة، ولا بأس من ظلمٍ هنا أو هناك.
بعدها من الممكن أن يقول: أنه أوتى أموالهُ على علمٍ عنده، لقد أجهض الرجل نفسه فى الظلم والإفتراء فى جمع ثروات وكنوز إبتلعتها الأرض.
إن الإنحراف عن الله ولو شعرتا واحده تنتهى بالإنسان إلى كبرياء تطرب فيه الحقائق وتختلط بها الامور، فيصبح الإدعاء الكاذب أمراً منطقيا ومفهوما.
ردة فعل المؤمنين على خسف الأرض
لم يكد خسف قارون يتم:
حتى إرتفعت رؤس المؤمين بموسى (عليه السلام). وإنقشع، الغم والإستياء عنهم.عاين المصريون وأبناء إسرائيل تلك المعجزة، على أن الله لا ينظر إلى غنى الناس بل إلى صفاء قلوبهم.
عاد الصراع بين موسى والفرعون إلى ذروته فسولة نفس فرعون، له أن موسى يهدده فى ملكه.
المصدر: مواقع الويب
"وسلامٌ من الله عليكم ورحمته وبركاته"